مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

ثورة على الفيس بوك.. من هنا تأتي الثورة

(رجالنا مستعدون للهجوم فور تلقيهم الإشارة)..

قالها مدير المكتب الخاص بمدير المخابرات العامة المصرية في حزم، فاعتدل هذا الأخير وألقى نظرة على إحدى الساعات التي تزين جدار مكتبه ثم قال:
فلندعو الله أن تتم هذه الإشارة في الوقت المناسب يا رجل.

أومأ مدير المكتب برأسه وعلق في هدوء:
فلنأمل ذلك يا سيدي.. لقد اتخذ المقدم مدحت موقعه في ذلك المكان السري الذي حددته المنظمة، وفور أن يتم الاتصال بينه وبين المركز الرئيسي لها يبدأ عمل جلال، وسيكون عليه تعقب هذا المركز بكل مهاراته وقدراته من خلال حساب الفيس بوك الذي منحته إياه المنظمة نفسها، وفي حالات الطوارئ القصوى يمكنه بث الاشارة التحذيرية لنا، فنتدخل فورا وننقذهما في الوقت المناسب إن شاء الله.

هز مدير المخابرات رأسه ونهض من مقعده وهو يتنهد في عمق ثم قال:
هذه المهمة تعني الكثير في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها مصر.. لا يمكن أن نسمح لجهة إرهابية حقيرة كهذه بالحصول على أسرارنا بهذه البساطة دون أن نتصدى لها ونعلمها درسا يمنعها من دس أنفها القذر في شئوننا مرة أخرى.

وارتسم على وجهه كل اهتمام الكون وهو يتساءل:
هل اتخذت كل الاجراءات اللازمة لتأمين جلال ومدحت؟

أجابه بسرعة:
بالتأكيد.. فور أن يتم تحديد مكان المنظمة ستتدخل قوات الجيش والشرطة والمخابرات في آن واحد فالأمر في منتهى الخطورة على المستوى السياسي والأمن الداخلي أيضا.. وسنبذل المستحيل لإخراجهما أحياء بإذن الله.

غمغم المدير:
على بركة الله.

***

جلس المقدم مدحت في هيئة جورج على كمبيوتر نقال حديث في مكان ما يتبع المنظمة الارهابية وقام بتنشيط حسابه في موقع ياهو ثم انتقل بسرعة إلى خطوات استقبال مؤتمر الفيديو، وقبل أن يضغط زر الموافقة النهائي وضع ملف تجسس صغير قام بتصميمه بنفسه داخل الملفات الرئيسية للويندوز، ثم وافق على عقد مؤتمر الفيديو الذي سيتلقى عن طريقه التعليمات الجديدة من تلك المنظمة..

وظهر على الشاشة ظل كبير لرجل بلا ملامح ضخم الجثة عريض المنكبين وانبعث صوت آلي يقول بإنجليزية جافة ودون مقدمات:
ينبغي أن تسجل هذه اللحظة في تاريخك فأنت تجلس وتتلقي تعليماتك مني شخصيا، تقديرا إمكاناتك.

كتم مدحت سخريته في أعماقه بصعوبة ثم رسم على وجهه أكبر قدر من الانبهار والابتهال وهو يقول متلعثما:
لا.. لا يمكنني تصديق هذا.. هل أتحدث إلى الزعيم شخصيا؟!

وفي اللحظة نفسها كان جلال يعمل عبر كمبيوتر نقال آخر في مكان قريب يتبع المنظمة أيضا ويحاول اختراق موقع المحادثة عن طريق ملف التجسس الذي زرعه مدحت..
ولكن الأمر كان صعبا وشديد الخطورة بالفعل..
كل لحظة تمر كانت تهدد بفشل العملية كلها، حيث يتابع خبراء المنظمة هذا اللقاء المؤمن ويمنعون كل محاولات الاختراق..
كان سباقا رهيبا ومنافسة مشتعلة بين عقول أجنبية جبارة وعقل مصري واحد تعلم كل شيء ذاتيا..
وكان لا بد أن ينكشف كل شيء في لحظة ما مهما بلغت مهارة جلال..

وفي لحظة واحدة وبمهارة شديدة، أرسل جلال رسالتين إلى المخابرات المصرية تحذر إحداهما من أن المنظمة قد كشفت الأمر وتحمل الأخرى مكان مقر المنظمة تفصيليا..
وكان هذا يعني أن المهمة قد نجحت وفشلت في نفس الوقت..

وهناك في مؤتمر الفيديو حيث يجلس مدحت أعلن الكمبيوتر حالة الاستنفار العام وأطلق جهاز الإنذار وأوقف كل النشاطات، فصرخ الرجل الغارق في الظلام:
خيانة.. إنك..

وبرد فعل سريع قفز مدحت جانبا وهو يتدحرج على الأرض، وتحركت قوات الجيش تلقي بفرق الكوماندوز حول مقر المنظمة، في حين تحرك رجال المخابرات المصرية بسرعة البرق لإنقاذ مدحت وجلال..
واشتعل الموقف كله، وأصبحت كل لحظة لها ثمنها..
كل لحظة..

***

لم يكن أمام جلال أي أمل..
هو وحده، لا يستطيع القتال، يجلس داخل حجرة مغلقة بلا نوافذ، وقد تم غلق الكمبيوتر تلقائيا فور أن انكشف أمره فأصبح سجينا وسمع صوت رجال المنظمة يندفعون إليه من كل جانب..
ولكن العجيب أنه لم يشعر إلا بسعادة غامرة..
كل ما يشغله أنه نجح..
غريبة هي تلك الطاقة التي تندفع في عروق كل مصري وعربي ومسلم حينما يتعلق الأمر بوطنه!

وبكل قوته قفز خلال يحتمي خلف بعض الأثاث وهو يصرخ:
اقتلوني إن شئتم.. لم يعد يهمني أي شيء.

انهالت الرصاصات كالمطر تحطم كل شيء في طريقها إليه، وسمع اصوات تبادل إطلاق نار عنيف بل وانفجارات عنيفة على نطاق محدود ثم صرخات متواصلة تحمل قدرا هائلا من الألم والغضب، فانتابته رغبة قوية في أن يشكر الله على نعمة الشهادة، وتجاهل فجأة كل ما حوله وسجد على الأرض في خشوع، وهو يقول في اطمئنان عجيب:
الحمد لله

وهناك، كان مدحت يحاول الاحتماء باي شيء وهو يلعن هذه المهمة التي اضطرته للحضور وحيدا دون سلاح، وتمدد أرضا وزحف صارخا:
كم أفتقد مسدسي العزيز!

سمع دوي الرصاصات يحيط به من كل جانب ثم تحطمت بعض النوافذ وسمع صوت أزيز يشق الهواء فوق رأسه ثم لمح حبلا قويا يتدلى أمامه وسمع صوتا يصرخ:
تشبث وتسلق بسرعة.

وفي خفة، قفز مدحت يتعلق بالحبل وشعر برصاصة تخترق ساقه لكنه تجاهلها وقفز عبر النافذة إلى الخارج ليستقبله رجلان من المخابرات المصرية أسرعا يبتعدان عن المكان..

وعندما هدأ كل شيء كانت هناك علامات استفهام تملأ عقول الجميع..
كل العقول..

4 التعليقات:

السلام عليكم .

ما شاء الله أسلوب فوق الرائع ،
بارك الله فيكم ..

بالفعل تملأنا نحن أيضاً علامات الاستفهام تلك ،
في انتظار المزيد بكل شغف ..

خالص إحترامي وتقديري ،
دمت بكل خير .

 

تصدق والله فرحت اوي من موقف جلال
احساسه انه ادي رسالته وخلاص مش خايف من الموت واطمئنانه وسجوده
موقف رائعة , اروع مثال للقوة والثبات
قصة روعة يادكتور وفي انتظار النهاية
تحياتي

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،
بارك الله فيكم يا باشمهندسة

أسلوبي ليس أروع من سلاسة اسلوبك وبهائه
وبإذن الله ستتضح كل العلامات في الفصل القادم والأخير

تحياتي ،،

 

كارمن ،
فعلا عندك حق
وكمان الأحداث في الفصل القادم هتأكد المعنى دة أكتر
وهتلاقي في النهاية إن أهم هدف من القصة هو توجيه رسالة للشباب أكتر من المتعة العقلية

قصتي ليست بأروع من مرورك ومتابعتك
بارك الله فيكم ،،

 

إرسال تعليق