مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

ما الذى يثير قلقى بشأن التعديلات الدستورية القادمة؟؟

اقتربت اللحظة التى نتنسم فيها نسائم الديمقراطية والحرية فى بلدنا الحبيبة، كلما تقترب تلك اللحظة التى سيتوجه فيها الشعب المصرى بكل طوائفه وميوله واتجاهاته للإدلاء بصوته فى تعديل الدستور المصرى الذى ظل جاثما على صدور الجميع لسنوات طوال لا حصر لها ، كلما شعرت بنشوة وفخر لأننى مصرى!

أيام قليلة للغاية بمقاييس التاريخ تلك التى انهار فيهاعرش طاغية مصر الذى أذاق الشعب مرارة الذل وهوان الضعف والجوع والفقر.. أيام قليلة حق فيها قول الله سبحانه وتعالى فى عباده الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.. أيام قليلة جنينا بعدها ثمار الوحدة.. ثمار التضحية من أجل هذا الوطن.. ثمار قطفناها جميعا مع رحيل مبارك وسقوط العادلى وعز وجرانة وغيرهم.. وكشف الفساد واستئصاله.. وأخيرا مع حل جهاز أمن الدولة الذى فعل بمصر أكثر مما فعله الاحتلال الإنجليزى نفسه!!

نعيش معا لحظات فارقة فى تاريخ مصر.. لحظات لم يعد فيها شبح الخوف جاثما على الصدور.. لحظات أصبح لك الحق فيها أن تقول رأيك بكل حرية وبكل صدق وحب لهذا الوطن.. لحظات تشعر فيها بأنك بالفعل مواطن مصرى لك رأى يحترمه الجميع ويقدره.. تشعر فيها بأنك من يحدد مسار هذا البلد ويقود حريته وكرامته إلى شاطئ الأمان ..

لم يكن أبدا اختلاف وجهات نظرنا بين "نعم" و "لا" هو مصدر قلقى من ذلك الاستفتاء، ولم يكن أبدا اختلاف الشعب المصرى بين مؤيد ومعارض بالأمر المقلق، فجميعنا فى النهاية نهدف إلى تحقيق الاستقرار لهذا الوطن، جميعنا سنخدمه ونبذل كل غال ونفيس من أجله أيا كانت نتيجة الاستفتاء ومهما حدث فى المستقبل، أشعر حقا أن الأمر لا يجب أن يثير فى نفوسنا جميعا إلا الراحة وسيضىء فى عيوننا الأمل لغد مشرق، ولكن شعورى بالقلق هذه المرة أمر عقلى تماما ولا علاقة للمشاعر الطارئة به ..

أشعر بالقلق - ببساطة - لأن الشعب المصرى لم يتفهم الديمقراطية الحقيقية بعد، لا يزال يشعر بأن كل ما حدث مجرد تغييرات طارئة ولن تلبث البلد أن تعود لما كانت عليه، يحلم بعودة الأمن والأمان لكل نواحى مصر فى حين يظل على حاله من فوضى وتخبط ورشاوى وغش وتضليل وكسل وتراخى، انحطاط أخلاقى قاتل يعانيه الشارع المصرى، لم تنجح الثورة حتى الآن فى علاجه لأنه نابع من عادات توارثها الناس على مدار أجيال وأجيال، يشعر الجميع بالمتعة حينما يتحدثون عن فجر جديد قادم ويبثون روح التفاؤل فيمن حولهم فى حين يظلون هم أنفسهم غارقين فى مستنقع من الفساد لا تبدو له نهاية!

أيها الشعب المصرى العظيم، لقد حارب شبابنا وأبناؤنا من أجل غد أفضل لنا جميعا، راقت دماؤهم ولم يترددوا لحظة واحدة فى الوقوف فى وجه السيارات المصفحة ورشاشات المياة والرصاصات الحية والمطاطية والعصى الفولاذية والقناصة الذين يصطادونهم من كل مكان، عاشوا ليال طويلة امتلأت بالخوف والفزع فى الشوارع، واجهوا الأهوال وعاهدوا الله على البقاء حتى النصر أو الشهادة!

لا تفسدوا كل ذلك بالله عليكم من أجل رزقكم ورزق أطفالكم، رزقك سيصلك أينما كنت، اعمل واجتهد كما أمرك الله، لا تتكاسل، ولكن إياك أن تقبل بالفساد أيا كانت صورته، أرجوك، بلدك تمر بمرحلة دقيقة من عمرها يعتمد فيها مصيرها على كل واحد منا، إذا أردت أن تراها أفضل بلاد العالم فاحرص أنت على أن تكون بأخلاقك واجتهادك من خير شعوب العالم، كن مثالا يُحتذى به فى العالم كله، فالكل بالفعل أصبح يرانا من القادة ولا يجب أن تتغير هذه الصورة أبدا..

ولكن مهلا، يخيل إلىّ أن أحدكم يسألنى: ما علاقة كل هذا بالتعديلات الدستورية بالله عليك؟

أقول، وبكل بساطة، أن هذا الاستفتاء مرآه صادقة لنفسك، لا تشارك فى بناء مصر وتحديد مصيرها إلا وأنت بالفعل مثالا مشرفا لشعب مصر، إذا كنت أنت قد تغيرت بعد الثورة، فاذهب لتغيير مصر، وإن كنت لا تزال كما أنت، لا تريد أن تتغير وترضى بمستنقع الفساد الذى غرقت فيه منذ أعوام فأرجوك ابق حيث أنت، مصر تحتاج لمن يدفعونها للخروج من قاع الأمم إلى القمة، هى إذن - بكل تأكيد - لا تحتاج إليك!!

وختاما، مصر خلال أيام قليلة ستمر بأول تجربة حقيقية لفعالية الثورة فى تغيير المفاهيم السلبية لهذا المجتمع، فإن كانت هذه الخطوة ناجحة فستكون كل الخطوات التالية على نفس الطريق إن شاء الله، وستتحرك مصر نحو الأفضل دوما، لذا فنرجو أن تكون كذلك ..

2 التعليقات:

السلام عليكم ،

مقال صادق ورائع يا دكتور ،
بارك الله فيكم ..

بالفعل التغيير لازم يكون بدأ داخل كل مصري حقيقي ،
حتى لا تضيع الثورة ونعود كما كنا ..

نسأل الله لبلدنا الأمن والأمان ..

سلم قلمك ،
ودمت بكل خير ..

--------

ده لينك المدونة الجديد\
http://engmenna91.blogspot.com/

 

بارك الله فيكِ يا باشمهندسة ،،

أنرتِ المدونة بمرورك..
تحياتى وخالص احترامى ،،

--------

كنت على وشك أن أسأل عن الرابط بالفعل فور أن رأيت ردك
جزاكم الله خيرا ..

 

إرسال تعليق