مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

هل ترى هذا الموقف من حيث أراه؟؟

"لا فائدة"

ترددت هذه الكلمة فوق المسجد الكبير الكائن وسط محافظة القاهرة، ولكن لم يسمعها أحد لأنها كلمة لم ينطقها البشر فلن يسمعها البشر..

إنها كلمة قالها ملاك من ملائكة الله، هبط في جماعة من اقرانه من السماء نحو هذا المسجد مباشرة ليحفوه بأجنحتهم عندما تجمع داخله مئات الرجال يصلون ويقرأون القرآن ويسمعون وعظ الإمام، لكن أحدهم ما إن ترك الجماعة وغادر المسجد حتى اتجه إلى منزله القريب وجلس أمام التلفاز يشاهد بعض الأفلام والمسلسلات الهابطة..

لذا فقد كانت هذه الكلمة التي قالها الملاك تعبيرا عن أسفه الشديد لموقف الشاب الذي لم يكد يغادر المسجد حتى هرول إلى معصية الله، فقال الملاك الآخر الذي يطير بجواره:

"استغفر له.. هذا هو دورنا.. وكل ما نستطيع أن نقدمه له"

استمر الملاكان في الاستغفار للرجل ولكل المسلمين وبدءا يرتفعان إلى السماء مرة أخرى، في حين اقترب شيطانان من المكان وتسللا إلى منزل نفس الشاب الذي يشاهد التلفاز وأحاطا به يحرضانه على الاستمرار..

كان الشاب يقلب القنوات واحدة بعد الأخرى دون اهتمام حقيقي حتى وقع بصره على قناة من قنوات الأغاني التي تعرض حفلات المطربين والمطربات وخلفهم مجموعة من الراقصات أو "الموديلز" بلغة العصر وقد خففت كل منهن من ثيابها حتى صرن كما وصفهن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم نساء كاسيات عاريات..

وهنا اقترب الشيطان من الشاب أكثر وقال له في عمق:

"هل رأيت من هي أكثر جمالا من هذه الفتاة؟؟"

وقال الشيطان الآخر:

"هل سمعت كلمات الأغنية.. ألم تشعر بالغيرة.. ألا تتمنى أن تكون لك فتاة كهذه؟؟"

هز الشاب رأسه في شدة كأنما يحاول طرد هذه الأفكار الشيطانية من رأسه، لكنه ظل يشاهد القناة ويستمع إلى الأغنية..

وخارج المنزل عاد الملاكان يمران بالقرب من المكان وأحدهما يقول للآخر:

"غناء.. رقص.. إنه يزني ببصره.. ونفسه تتمنى.. ولكن قلبه لا يزال صامدا.. إنه يتردد بين هذا وذاك.. فتارة يطيع وتارة يعصي"

قال الآخر:

"ليتنا نستطيع الدخول فنعيده إلى صوابه"

وفي نفس اللحظة، كان شقيق هذا الشاب - الفتى الصغير الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة - يجلس في غرفة أخرى فالتقط كتاب الله وبدأ يقرأ سورة البقرة بصوت جميل منغم وتلاوة سليمة..

وأسرع الشيطانان يهربان من المنزل، في حين اقترب الملاكان من الفتى الصغير يستمعان إلى القرآن ويظللانه بأجنحتهما فحلت البركة على المنزل وأغلق الشاب التلفاز ونهض للوضوء، لكنه مر على غرفة شقيقه فنهره بلا سبب وشتمه فلم يرد الفتى..

واستغفر الملاك الأول وهو يقول:

"اللهم اغفر له.. ليته يعلم أن شقيقه هو من طرد الشر من هنا وجلب الخير كله!.. وهو الآن يسبه ويعنفه.. يا رب ما أصبرك على هؤلاء وهم يبارزونك بالمعصية ليلا نهارا ويبتعدون عنك شيئا فشيئا وإذا اقتربوا لحظة يبتعدون سنوات! سبحانك يا رب"

قال الثاني:

"نعم.. هو القائل.. إن رحمتي سبقت غضبي"

اتجه الشاب إلى المسجد.. وأحاطته الصحبة الصالحة.. وبكى بشدة حينما سمع آيات الله.. فتاب وعاد إلى رشده.. وأسرع يقبل رأس أخيه عندما عاد إلى منزله، فطار الشيطانان بعيدا وهما ينعيان سوء الحظ، وقال أحدهما للآخر في حنق شديد:

"مهما فعلنا.. بمجرد أن يتوب أحدهم ويعود إلى ربه فسيقبله وسيثبته على الحق.. كيف يمكن أن نحارب قوما كهؤلاء! والله ما جعل الله لنا من سبيل إلى أمة محمد!"

وهنا توقف الجميع وتعلقت عيونهم بالملاك المهيب الذي يقترب من المنزل وقال الملاك الأول في رهبة:

"إنه ملك الموت!"

وفي لهفة تابع الجميع ملك الموت وهو يقترب من الشاب الذي انهمك في الصلاة وهو يناجي ربه ويبكي له، حتى إذا سجد تمثل له ملك الموت في هيئة مباركة طيبة جميلة وأخرج روحه في يسر وحنطها بحنوط من الجنة مع مجموعة من الملائكة..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

رسالة لي ولك ولكل مسلم..

تب اليوم قبل غدا.. هذه اللحظة قبل اللحظة التي تليها.. فلا أحد يعلم ما سيحدث عما قريب!!

4 التعليقات:

استغفر الله الغظيم من كل ذنب

 

السلام عليكم

عودة قوية يادكتور
لم استمتع في حياتي بقصة مثل قصصك
ما شاء الله متكاملة من جميع الجوانب
اسلوب ووصف وهدف
جزاك الله خيرا يادكتور

خالص احترامي

 

مـا شـاء الله على حضرتك يا دكتور ,,
جـزاك الله خيراً ونفعنا بها جميعاً ..
أسلوب رقيق وفكر راقِ جداً .
ووعظ بطريقة تفوق الجمال ..

بارك الله فيك وفي فكرك وقلمك ..

خالص احترامي ..

 

نعم، نستغفر الله العظيم ونتوب اليه

شكرا لمرورك

،،،

كارمن: أضاءت القصة بمرورك الكريم
بارك الله فيكم

،،،

باشمهندسة منة: جزاكم الله كل خير وبارك فيكم..

 

إرسال تعليق