مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

قضبان من نار.. الفصل الرابع

ضغط دكتور "بيتر فوميل" زر رتاج باب حجرة الأشعة فتألق بضوء أزرق فيروزي وانبعث صوت آلي يقول:
- جاري التحقق من الشخصية.. رجاء ابرز هويتك.

وضع دكتور بيتر راحته في المكان المخصص لها فتألق بوهج أحمر قاتم ثم أخرج من جيب معطفه بطاقته الإلكترونية ودسها في المكان المخصص لها..

انبعث الصوت الآلي مرة أخري قائلا:
- دكتور بيتر فوميل.. تم التحقق من الشخصية.

انفتح الباب بهدوء وخطى دكتور بيتر داخل الحجرة محدثا نفسه:
- ليلة طويلة من العمل الشاق مرة أخرى! كم أشتاق لفنجان من القهوة.

ثم احتل المقعد المخصص له قائلا:
- كيف حالك أيها الفيروس اللعين؟ أما زلت تعاند وترفض أي نوع من الأشعة لاختراقك؟

ضغط زر جهاز التسجيل الصوتي ثم قال:
- لازالت الأبحاث لم تسفر عن جديد, لم يخترق أي نوع من الأشعة تم استخدامه في التجربة الغلاف البروتيني للفيروس (إف 33).. تم استخدام أشعة إكس والأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسيجية.. أرجح أن ذلك بسبب تلك المادة التي لا يزال تركيبها مجهولا (سي إف 7) في غلافه البروتيني.. جاري العمل علي فصل تلك المادة الآن.

تناول دكتور بيتر أنبوب اختبار معدني ووضعه في الفراغ المخصص له في جهاز أمامه، ثم ضغط عدة أزرار بترتيب معين، وبعدها انتظر عدة دقائق حتى انبعث صوت آلي يقول:
- تمت العملية بنجاح, ولا زال تركيب المادة مجهولا.

عاد يضغط زرا آخر قائلا:
- والآن إجراء التحليل الطيفي.

انفصل أنبوب جديد داخل الجهاز يحوي تلك المادة واستقر في فراغ آخر ودكتور بيتر يتابعه عبر الزجاج الشفاف في شغف..

تألق باب الحجرة بوهج أزرق فيروزي مرة أخري فتساءل في نفسه:
- تري من زائر نصف الليل هذا؟!

انفرج الباب بهدوء فتهللت أسارير وجهه قائلا:
- لا تدري كم سعدت بقدومك يا صديقي العزيز.. لقد كدت أموت مللا! هلا أحضرت لنا فنجانين من القهو..

وقبل أن تتم عبارته أصابته طلقة ليزرية في منتصف جبهته تماما صرعته في الحال..

واتجه القاتل إلي الجهاز الذي كان يعمل عليه دكتور بيتر منذ دقائق وضغط زرا صغيرا فانفتح الغطاء الشفاف ليستولي علي أنبوبتي الإختبار وهم يغمغم في سخرية:
- اذهب الي الجحيم.. من يهتم بتركيب هذه المادة ايها اللعين؟! الأهم هو ما تستطيع فعله..

واتجه إلي جثة دكتور بيتر الملقاة أرضا وانتزع بطاقته الإلكترونية من جيب معطفه وهو يرمقه بنظرة ساخرة، ثم غادر الحجرة بهدوء تاركا وراءه لغزا غامضا لأبعد الحدود..

*****

اجتاز مدير أمن المركز مستر "إدواردز" اختبارات التحقق من الشخصية في قلق وتوتر بعد هذا الإستدعاء العاجل له من قبل مدير المركز "جون ماركوس" وهو يعلم جيدا أن مقتل دكتور بيتر هو السر الغامض وراء هذا الإستدعاء مما سبب له مزيدا من التوتر..

جلس إدواردز أمام مكتب دكتور جون في توتر تام حتي سأله:
- ماذا لديك حتي الآن بشأن مقتل دكتور بيتر؟

أخذ إدواردز نفسا عميقا محاولا السيطرة علي أعصابه الثائرة قائلا:
- تم إحاطة الخبر بسرية تامة حتي لا نثير وسائل الإعلام، وأصدرنا تصريحا يفيد بسفر دكتور بيتر العاجل الي إنجلترا لإنجاز بعض المهام هناك و..

قاطعه جون في عصبية:
- ليس هذا ما أقصده.. ماذا توصلتم بشأن التحقيقات؟

نطق ماركوس هذا السؤال في توتر واضح فتنحنح إدواردز قائلا:

- صرح الطبيب الشرعي أن مقتل دكتور بيتر بسبب طلقة ليزرية أصابت منتصف جبهته تماما واخترقت مخه مباشرة فأودت بحياته في حينها, وحدد موعد الحادث بالساعة الثالثة والربع بعد منتصف الليل, وأسفر البحث عن فقدان بطاقة دكتور بيتر الإلكترونية، وفيما عدا..

نهض جون من مقعده وغمغم مفكرا:

- ولم بطاقته الإلكترونية؟! وكيف سيتجاوز باقي وسائل التحقق من الشخصية؟

لوح إدواردز بكفه في حيرة قائلا :

- لست أدري فيم سيفيده هذا بالتحديد.

عاد جون يغمغم في تساؤل وهو يدور في أنحاء الحجرة:

- هل تدري ما معني أن الحادث قد وقع داخل غرفة الأشعة؟

أجابه في حيرة:

- لست أدري مقصد سؤالك يا سيدي.

استدار اليه جون قائلا:

- معني هذا أن القاتل واحد من ستة علماء من الفئة (ب) فقط المسموح لهم بدخول تلك الحجرة.. إذن ينحصر القاتل في خمسة علماء باستثناء دكتور بيتر.

ثم عاد يدور في الحجرة قائلا:

- لدينا قاتل بدرجة عالم فيروسات!

استدار مرة أخري لإدواردز متسائلا:

- ماذا عن مسرح الجريمة؟

اجاب إدواردز في سرعة:

- تم الحصول علي جهاز التسجيل الصوتي الذي كان يعمل عليه دكتور بيتر قبل قتله مباشرة وكان فحوى التسجيل خطيراً لأبعد الحدود.

ابتلع ريقه في صعوبة ثم أكمل:

- كان دكتور بيتر يعمل علي فيروس (إف 33) وهو أحد الفيروسات التي تصيب الكبد وكانت أبحاث دكتور بيتر تدور حول اكتشاف علاج له وقد ذكر شيئا بخصوص مادة تسمي (سي إف 7) وهي مادة مجهولة التركيب تماما كان دكتور بيتر يعزي صلابة هذا الفيروس إليها حيث توجد في غلافه البروتيني والأهم أننا لم نجد أي أثر لأنبوبة اختبار في الجهاز الموضوع أمام الجثة.

صمت دقيقة التقط فيها أنفاسه ثم أكمل:

- وكانت آخر كلمات سجلها الجهاز محيرة تماما.

ثم ضغط زر جهاز التسجيل الصوتي فانبعث الحوار الذي دار في الغرفة منذ أن دخلها بيتر.. وبعد أن انتهى ران صمت مهيب علي الاثنين ثم عاد جون يقول:

- إما أننا نتعامل مع شخص قمة في الإهمال وإما أننا نواجه قاتلا محترفا وليس عالما محترما.

ثم عاد لصمته دقائق ثم قال:

- هل هو بالسذاجة حيث ترك جهاز التسجيل الصوتي يعمل مع علمه بأنه شديد الحساسية وسيسجل كل كلمة ولو همسا؟! ثم هذا يضع أمامنا سؤالا آخر.. كيف سيستخدم البطاقة الإلكترونية؟!

صمت قليلا ثم برقت عيناه قائلا:

- أعد اجتماع عاجل بعلماء الفئة (ب).. لن ينتهي هذا الإجتماع إلا وقد عرفت من القاتل.

انصرف إدواردز في سرعة ليعد ذلك الإجتماع الطارئ، وبعد انصرافه غمغم جون في ضيق:

- هذا ما كان ينقصنا !!


******

انطلقت أجهزة التكييف تعمل في كل ركن من أركان القاعة الواسعة التي ضمت علماء الفئة (ب) مع رئيسهم "جون ماركوس" ومدير الأمن "إدواردز"، وساد سكون تام بين الجميع حتى استقر كل رجل في مكانه وارتفعت العيون في توتر لترمق رأس المائدة التي يحتلها ماركوس، حتى تنحنح هذا الأخير وقال بلهجة رصينة وحازمة:
- مرحبا أيها السادة.. يُسْعِدني أن نجتمع معا مجددا، ولكن ظروف هذا الاجتماع في الواقع ليست عادية على الإطلاق.

نجحت كلماته في بث أكبر قدر من التوتر والقلق في نفوس العلماء، الذين ارتسم على وجوههم مزيدا من الترقب، حتى أكمل إدواردز حديث ماركوس قائلا:
- زميلكم.. "بيتر".. قُتِلَ البارحة في غرفة الفحص والأشعة.

سرت همهمة وشهقات عنيفة بينهم فأسرع ماركوس يقول:
- حافظوا على تماسككم وهدوئكم.. الأمر لا يزال تحت السيطرة الكاملة.

ونصب إدواردز قامته وهو يقول في قوة:
- التحريات تجري الآن على قدم وساق لمعرفة هوية القاتل، وسنصل إليه إن آجلا أو عاجلا.. أعلم أن ما حدث قد يدل على وجود قصور في النظام الأمني ولكن يبدو أن القاتل استطاع دخول الحجرة بشكل طبيعي دون حدوث أي نوع من الاقتحام أو العنف.. وبمجرد أن استطاع الدخول، قتل بيتر ثم هرب.

غمغم أحدهم في عصبية شديدة:
- هل هذا يعني أن القاتل أحدنا؟

ارتفعت كلمات الاستنكار من زملائه فصاح إدواردز:
- اهدءوا.. هذا هو أول ما جال بخاطرنا أيضا.. فليس من المسموح دخول غرفة الفحص إلا لكم أنتم فقط.. وهذا قد يضعكم بالفعل في موضع شبهة لو لم نكن نعرفكم جيدا ونثق فيكم تماما.

وبرقت عيناه وهو يتابع في حسم:
- سيسقط القاتل في قبضتنا.. وفي أسرع وقت ممكن..

وعاد الصمت يغلف كل شيء..

*****

1 التعليقات:

ما شاء الله .. رائع جداً ..
يستهويني جداً أسلوب التشويق أحسه يحبس الأنفاس حتى نصل إلى ذروة الإندماج وتكون نهاية الفصل ..

في انتظار باقي الأحداث ..
بالتوفيق إن شاء الله ..

 

إرسال تعليق