مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

تابع 2: موعد مع الكرامة.. الفصل الخامس

- "حرب"!!
صرخ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بهذه العبارة في غضب هائل وهو يتابع التقارير الواردة من "لانجلي"، ثم ألقى بها جانبا وهو يصيح بكل ثورة الدنيا:
- لا أحد يستطيع أن يفعل هذا بنا !.. لا أحد يتحدى القوة العظمى الأولى في العالم!
تنحنح رجل طويل يقف أمامه في احترام، ثم قال:
- إنهم العرب بلا شك.
أطلت نظرة نارية من عيني الرئيس، ثم أجاب:
- نعم.. إنهم العرب.
استقر لدقائق خلف مكتبه وهو يفكر في عمق، ثم اعتدل وقال للرجل الذي يقف أمامه:
- إنهم يريدونها حربا.. فليكن.. لهم ما أرادوا.
وضرب سطح مكتبه بقبضته وهو يصرخ:
- أرسل إليهم (إيريسَر) حالا.
وأسرع الرجل لينفذ الأمر..

****

انقسمت شاشة كمبيوتر عملاقة إلى عشرات الأقسام، وظهر في كل قسم وجه رئيس دولة عربية مختلفة، في أحد أخطر وأهم اجتماعات الفيديو (الفيديو كونفرنس) التي يشهدها التاريخ العربي، وساد الصمت لحظات حتى يتأكد الخبراء من سرية الاجتماع، ثم قال الرئيس المصري بسرعة:
- السلام عليكم أيها السادة.
أجاب الجميع تحيته بنفس السرعة، ثم قال الرئيس السوداني في قلق:
- هناك أمر ما يثير قلقنا بشدة، ولا أظن أنه يحتمل الانتظار.
ساد الصمت مرة أخرى حتى قال الرئيس العراقي:
- هات ما عندك.
أجابه:
- هل تعلمون بأمر (إيريسَر)؟!
أجابه السلطان العماني في ثقة:
- ومن ذا لا يعلم بأمره؟ إنه سلاح أمريكي حديث، تم إنتاجه منذ شهرين تقريبا، وهو يعد معجزة في عالم التكنولوجيا، بقدراته القتالية المدهشة التي تجعله يكتسح كل ما ومن يقف أمامه، ويمسحه من على وجه الأرض، وهذا هو السبب وراء تسميته بإيريسَر التي تعني (الممحاة) بالإنجليزية.
وهنا غمغم الرئيس المصري:
- لا تقل لي أن الولايات المتحدة سـ..
أجابه الرئيس السوداني في قلق:
- هذا ما أخشاه.. لو أطلقوا (إيريسَر) خلف رجالنا فستكون كارثة.
ساد الصمت مرة أخرى وكل منهم يقلب الفكرة الجديدة في رأسه، حتى قال الرئيس السوري في حزم:
- وماذا في هذا؟ رجالنا يرتدون زي الكوماندوز ويعلمون أنهم في مهمة انتحارية لن يعودوا منها أبدا.
هتف الرئيس الليبي مستنكرا:
- هل يعني هذا أن نتخلى عنهم؟!
أجاب الرئيس السوري في عصبية:
- من تحدث عن التخلي عنهم؟ ألا تستطيع فهم كلماتي جيدا؟!
تدخل الرئيس التونسي وهو يسأل في توتر:
- ماذا كنت تقصد إذن لو لم يكن هذا؟
صاح الرئيس الجزائري الذي ظل صامتا منذ البداية:
- كفى بالله عليكم!!
عاد الصمت يحتوي كل شيء، قبل أن يتابع الرجل في حزم:
- لقد اجتمعنا في وقت وظروف لا تسمح إطلاقا بأي حوارات جانبية أو مشادات من أي نوع، رجالنا هناك يواجهون الموت في سبيل الأقصى ونحن هنا نتشاجر!!
كان الرئيس المصري هو أول من علق على كلامه بعد أن صمت الجميع، حينما قال في صلابة:
- صدقت.
واعتدل وهو يُكمِل في قوة:
- لو أطلقت الولايات المتحدة سلاحها سنحتاج لإرسال الفرقة الثانية، وهذا سيستلزم مزيدا من المال.
تدخل ملك السعودية قائلا في ثقة:
- دع مشكلة التمويل لنا.
وأكمل الرئيس الإماراتي بنفس الثقة:
- ولنا أيضا.
وأسرع الأمير القطري يضيف:
- ونحن كذلك.
ابتسم الرئيس المصري، وأجاب:
- هذا عظيم.
اندفع الرئيس العراقي يقول في عصبية شديدة:
- عظيم! ألا ترون أننا قد أغفلنا نقطة بالغة الأهمية يا سادة؟
أنصت الجميع إليه وهو يتابع:
- ماذا لو سقط أحد رجالنا بين أيديهم؟ سيثير هذا أزمة دبلوماسية ضخمة قد تؤدي إلى إشعال حرب دموية بلا نهاية.
ابتسم ملك المغرب وأجاب:
- من قال أننا لا نملك خطة متقنة لهذا أيضا؟
وأكمل الأمير الكويتي في حزم:
- كل رجل من رجالنا لا يحمل على الإطلاق أي شيء قد يشير إلى هويته العربية.
تساءل الرئيس اليمني في قلق:
- أي صفة إذن يحملونها؟
هز الأمير القطري كتفيه وهو يجيب في غموض:
- خمن.
صاح الرئيس العراقي في توتر:
- لا مجال للتخمينات هنا !.. يبدو أنكم لا تعلمون مع من نتعامل! هؤلاء الأمريكيون قادرون على سحق ذبابة صغيرة وهي تسير فوق كأس زجاجي أنيق دون خدش الزجاج أو لمسه!
زجره ملك البحرين في صرامة، قائلا:
- دع عنك هذه اللهجة الانهزامية يا رجل! لا تدع ما حدث في دولتك يصور لك أنهم قوم لا يُهْزَمون! بالعكس، إنهم في منتهى الجبن عندما تتعقد الأمور، والرجل الواحد منا يساوي عشرون رجلا منهم.
وأكمل الرئيس اللبناني في قوة:
- إنهم كالإسرائيليين، يغترون بقوتهم، وينشرون حولهم دعاية زائفة لإمكانياتهم ويصورون للجميع أنه لا توجد قوة على الأرض يمكنها هزيمتهم، ولكن الحقيقة هي العكس تماما.. وهذا هو ما أثبتته مصر في حربها ضد إسرائيل.
أسرع الرئيس السوري يتدخل قائلا:
- تقصد ما أثبتناه مع مصر.
ارتفع فجأة صفير قصير يدوي عبر شبكة الإنترنت مصحوبا برسالة قصيرة ظهرت على شاشات الكمبيوتر أمام الجميع، فصاح الرئيس المصري في فزع حقيقي:
- يا للبشاعة!!
وهوت قلوب الجميع بين أقدامهم..
وبمنتهى العنف..

****

0 التعليقات:

إرسال تعليق