تحول مبنى المخابرات العامة المصرية إلى خلية نحل، حينما تكدس رجاله بشكل غير مسبوق في كل الطوابق، خصوصا في ذلك الطابق الذي يضم حجرة المدير الذي دعا كل رجل إلى ترك ما يقوم به والتفرغ بالكامل لعملية المسجد الأقصى..
والواقع أنه لم يكن بحاجة إلى هذه الدعوة، فالجميع تفرغوا بالفعل لها وأصبح لا يشغل عقولهم أو قلوبهم إلا ما يحدث هناك..
وداخل حجرة المدير كان هذا الأخير يشير إلى خريطة كبيرة ويقول لرجاله في سرعة:
- الحمد لله.. انتهت المرحلة الأولى للعملية بنجاح تام.. لقد تمكن (عمر) و (كمال) من تصوير الخريطة بالكامل أكثر من مرة من جميع الزوايا وبوضوح، والأجمل من ذلك هو تيقن المخابرات الأمريكية والموساد تماما من أننا لا نزال لا نعلم أي شيء عنها.
ثم تابع في حزم:
- المعلومات التي تم تدوينها على الخريطة تؤكد أن شبكة (إس جى 22) يتم التحكم فيها عن طريق حاسب عملاق.. هذا الحاسب مخصص فقط لهذا الدور وتمت برمجته بحيث يبدأ عدا تنازليا منذ عدة أيام ويستمر هكذا دون توقف حتى يرسل إشارة تلقائية إلى الشبكة، التي ستنسف المسجد الأقصى.
ثم أشار إلى خريطة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد عند ولاية (فرجينيا) وتابع في صرامة:
- الأمر في منتهى الخطورة يا سادة.. هذا الحاسب العملاق أطلقت عليه أمريكا اسم (سبايدر) ووضعته داخل أكثر الأماكن حصانة ومناعة على وجه الأرض.
وصمت لحظة ثم تابع في قوة:
- مقاطعة (لانجلي).
تجهمت الوجوه واحتقنت في شدة، فقد كان الرجال يعلمون أن (لانجلي) هي مركز (السي آي إيه)، ويعلمون أن هذا المقر محاط بكاميرات مراقبة وأسوار وأسلاك شائكة وأحدث الوسائل التكنولوجية التي تجعل من المستحيل دخول ذبابة صغيرة دون أن تتحول إلى أشلاء، وقرأ المدير هذا التعبير على وجوههم فتابع:
- لقد قلت أن الأمر في منتهى الصعوبة والخطورة، ولكن هذا لا يعني إطلاقا أن نستسلم.
وفي اعتداد، فرد قامته وتألقت عيناه ورفع يده وهو يقول في شدة:
- أقسم بالله العظيم أنني لن أستسلم ولن يهدأ لي بال، ولن أستحق منصبي هذا، لو لم ننجح في حماية الأقصى، وأنني مستعد للموت ألف مرة وأن يمزقونني إربا مليون مرة، لو كان هذا هو ثمن حمايته.
ارتجفت قلوب الجميع، في حين أدار هو عينيه بينهم وسأل:
- هل أنتم مستعدون للقسم؟
ارتعشت أجسادهم ولكنهم قالوا في صوت واحد:
- نقسم بالله على ذلك.
وفي حزم، قال المدير:
- ستتوقف كل عمليات الإدارة لنتفرغ تماما لهذه العملية، فالمهلة المتاحة لكسر دفاعات السي آي إيه والوصول إلى (سبايدر) وإيقاف البرنامج أو تدميره هي 48 ساعة فقط.
وارتجف قلبه هو هذه المرة وهو يكمل:
- ولندعو الله أن ننجح في تحقيق هذه المعجزة.

****