مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

تكملة الفصل الرابع 2

لم تكن (أنجيل) تتوقع هذا التصرف المباغت من (بيتر)، لذا فقد اتسعت عيناها وصاحت في استنكار وهي تشير إلى رجالها بعدم إطلاق النار:
- هل أصابك الجنون يا (بيتر)؟ هل تصوب سلاحك إلى رجالي؟
هز (عمر) رأسه نفيا وأجاب في صرامة:
- كلا يا سيدتي.. أنا أصوب سلاحي إلى هذا الوغد بالتحديد.. إنه خائن.
تفجر الذهول في أعماق الجميع ودارت الأبصار كلها إلى رجل (أنجيل) الذي يصوب (عمر) إليه سلاحه، لكن هذا الأخير تابع بنفس الصرامة:
- منذ أن رأيتك داخل الملهى وأنا ألاحظ أنه يحاول إخفاء وجهه وعدم التحدث مع أحد.. وعندما خرجنا واتجهنا إلى السيارة لاحظت أنه خرج قبلنا بقليل، وراقبته ببصري لأجده يزرع شيئا ما فوق إطار سيارتك يا سيدتي ثم يعود ليسير معنا وكأنه لم يفعل شيئا.
ومرة أخرى رمقت الأبصار كلها هذا الرجل بكل شك الدنيا، ورفع الرجال أسلحتهم نحوه في تحفز..
وفجأة، قفز هذا الرجل نحو (عمر) ووجه إليه لكمة كالقنبلة في أنفه، لكن هذا الأخير انحنى في مهارة وسرعة، والتقط ذراع الرجل في الهواء ثم أدارها في عنف، وجذب الرجل تجاهه ثم لكمه في معدته بمنتهى القسوة..
وشهق الرجل في ألم، في حين أشارت (أنجيل) إلى رجالها بالتوقف تماما وهي تقول في ثقة:
- لا تطلقوا النار.. (بيتر) لا يحتاج إلى مساعدة في القضاء على رجل واحد.
وبالفعل، كان هذا الأخير قد تفوق على خصمه، وأمسك قميصه بقبضتيه وهو يضرب ظهره بالجدار، فصرخ الرجل في ألم وصرخ:
- الرحمة! الرحمة!
وبمنتهى القوة والصلابة، رفع (عمر) جسد الرجل عن الأرض بقبضتيه لأكثر من عشرة سنتيمترات، وهو يجيبه في قسوة:
- لا تناشدني الرحمة أيها الرجل لأنني لا أتصف بها.. من أنت بالضبط؟؟
هتف الرجل في انهيار:
- أرجوك.. لا يمكنني أن أتحدث.. سـ ..
انتزع (عمر) فجأة خنجرا من حزامه وألصقه بعنق الرجل مباشرة وهو يقول:
- بل ستتحدث.. أو سأقطع عنقك وأرسله إلى من أرسلك.
ارتفع أحد حاجبي (أنجيل) وهي تشعر بإعجاب شديد نحو (بيتر)، فهو رجل يعبد المال، شديد القسوة والدموية، قوي الملاحظة ويجيد مهارات القتال واستخدام الأسلحة..
باختصار، كان رجلا مثاليا بالنسبة لفتاة مثلها..
وفي انهيار، بكى الرجل وهو يصرخ:
- سأخبرك.. لا تقتلني.. سأخبرك.
خفض (عمر) خنجره، فتابع الرجل:
- أنا مصري.
انعقد حاجبا (أنجيل) في شدة حينما سمعت هذا الاعتراف، وقالت لنفسها في قلق:
- ترى هل علم المصريون بأمر (سبايدر)؟؟ ولكن كيف؟! إنهم حتى لا يعلمون بتفاصيل (إس جى 22) فكيف لهم بالتوصل إلى وجود (سبايدر)؟؟
ولذا فقد سألت هي الرجل في صرامة:
- ولِمَ أرسلوك إلى هنا؟
أجابها الرجل:
- لا أعلم شيئا.. كل ما قالوه لي أن أبحث عن (أنجيل آدمز) وأنتحل شخصية أحد رجالها لأحصل منه على أي معلومات عن خريطة تسمى (إس جى 22).. إنني حتى لا أعلم ماذا يعني هذا الرمز ولم أفهم ماذا يقصدون به.. لكنني جئت إلى هنا من أجل أداء واجبي نحو وطني.. ويا ليتني لم آتِ.
انهار الرجل باكيا عند هذه النقطة، في حين ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي (أنجيل) وتحول قلقها إلى ظفر وسعادة..
هذا هو الأمر إذن..
لقد فشل المصريون في معرفة تفاصيل (إس جى 22) من إسرائيل، فاتجهوا مباشرة إلى السي آي إيه لأنها الخط الثاني لأسرار الموساد كما هو متعارف عليه في عالم المخابرات، ولكنهم فشلوا أيضا في التوصل إلى أي شيء، وها هو ذا رجلهم يسقط بين أيديها..
وضحكت (أنجيل) في مرح هذه المرة وهي تقول في تلذذ:
- سيظل النصر دوما لنا يا (بيتر).
وتحولت ملامحها فجأة إلى القسوة والشراسة وهي تشير إلى (عمر) إشارة ذات معنى، فأسرع هذا الأخير ينتزع مسدسه من حزامه وألصقه بجبهة الرجل، فصرخ هذا الأخير في رعب رهيب:
- كلا.. الرحمة.. الرحمة..
ولكن (عمر) أطلق رصاصته وانفجرت الدماء لتغطي جبهة الرجل ووجهه وتلقيه أرضا جثة هامدة..
وفي ثقة، ربتت (أنجيل) على كتف (عمر) وهي تقول:
- ستحصل على مليون دولار كاملة مقابل هذا الموقف يا رجل.
تألقت عينا (عمر) في جذل وجشع واضح، فضحكت (أنجيل) وأشارت إلى رجالها بالانصراف وهي تقول:
- تخلص من جثة هذا الحيوان يا (بيتر)، ثم قابلني بعد ساعة واحدة أمام (إيموراليتي).. أنت من هذه اللحظة أحد رجالي.
أومأ (عمر) برأسه في طاعة، ثم هتف:
- معذرة يا سيدتي، هناك شيء ما دسه هذا الرجل فوق إطار سيارتك.
وفي خفة، قفز (عمر) يفحص الإطار، ثم أخرج شيئا معدنيا في حجم دبوس صغير وهو يقول:
- كما توقعت تماما.. إنه جهاز تصنت.
وألقى الجهاز بعيدا، فاتجهت (أنجيل) نحوه وهي تقول في إعجاب:
- كلا يا (بيتر).. لن تكون أحد رجالي.
اتسعت عيناه في دهشة، فضحكت هي وتابعت:
- ستكون أهم رجالي.
وفي رشاقة، قفزت مع رجالها داخل السيارة وانطلقت بها مبتعدة فراقبها (عمر) بعينيه حتى اختفت بعيدا، فاتجه بسرعة نحو جثة الرجل وهتف:
- يمكنك أن تنهض يا (حازم).. لقد انصرفوا.
نهض الرجل فجأة ومسح الدم المزيف الذي يلوث جبهته ووجهه، ثم احتضن (عمر) في قوة وهتف من أعماق قلبه:
- وفقك الله أيها المقدم.. ستعمل وحدك منذ هذه اللحظة.
تنهد (عمر) وقال:
- الله المستعان يا صديقي.. هيا ارحل من هنا بسرعة قبل أن ينتبه إلينا أحد.
أسرع (حازم) يبتعد فراقبه (عمر) وهو يقول لنفسه:
- ستنجح بإذن الله.. مسئولية حماية الأقصى أصبحت في عنقك الآن يا (عمر).. لا تتخاذل ولا تتهاون لحظة واحدة.
وارتجف قلبه في حماس..

0 التعليقات:

إرسال تعليق