مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

تكملة الفصل الثاني

توقفت الطائرة القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية في مطار (تل أبيب)، وهبط منها رجل طويل القامة عريض المنكبين، مفتول العضلات، يرتدي تي شيرت مزركش ونظارة شمس صغيرة، ويبدو شديد الوسامة والبساطة وهو يتحدث مع رواد الطائرة الذين يهبطون منها بدورهم..
وتقدم الرجل في خفة إلى منطقة الجوازات وناول جوازه إلى الموظف المسئول وهو يمنحه ابتسامة واسعة، فبادله الموظف ابتسامته بمثلها، وفحص جواز سفره بعينيه، ثم ناوله إياه وهو يقول:
- مستر (جون إدوارد).. هذه ليست المرة الأولى التي تزور فيها (تل أبيب).
هز (جون) كتفيه في بساطة والتقط الجواز مجيبا:
- إنها الثالثة في الواقع.. لا تمر فترة إجازتي دون أن أزورها فقد أثارت إعجابي، وأنا كأمريكي أشعر بالراحة هنا.
اتسعت ابتسامة الموظف وقال:
- نرجو أن تروق لك مدينتنا دوما.
أجابه (جون) بالعبرية:
- أتمنى ذلك.
أطلق الرجل صفيرا طويلا، وقال في دهشة:
- إنك تتحدث العبرية بطلاقة.
رفع (جون) أحد حاجبيه وغمغم في خبث:
- عجبا ! يقولون أنكم حذرون للغاية في تعاملكم مع الأجانب، في حين تسألني عن تحدثي بالعبرية، وقد أنهيت فحص جواز سفري للتو! قل لي يا رجل، ألم تلاحظ أن أبي إسرائيلي وأمي أمريكية؟!
ارتبك موظف الجوازات، وابتسم في افتعال وهو يجيب:
- بالطبع.. بالطبع.. لاحظت ذلك..
هز (جون) كتفيه بنفس الأسلوب اللا مبالي، ثم مضى إلى سبيله، فمط الموظف شفتيه وهو يهمس في حنق:
- يا للأمريكان عندما يصيبهم البرود!
لم يسمع (جون) عبارته وهو يشير إلى أول تاكسي قابله ويدلف إليه وهو يقول للسائق:
- قدني إلى (برج شالوم) من فضلك.
وانطلق التاكسي إلى المكان المنشود في سرعة، في حين ظل (جون) صامتا طوال الوقت وهو يتطلع إلى ما حوله في انبهار، ويلتقط صورا للمعالم التي يمر بها عبر كاميرا المحمول الخاص به، ثم قال للسائق بالعبرية في ذهول:
- رائع! لقد تغيرت المدينة كثيرا عن آخر مرة كنت فيها هنا.
ابتسم السائق وأجاب في بساطة:
- (تل أبيب) هي أرض الميعاد يا مستر.. لن تجد مكانا على الأرض أكثر جمالا منها.
هز (جون) رأسه دون أن يعلق، ثم استمر في التقاط الصور حتى توقف التاكسي أمام (برج شالوم) - واحد من أكبر المراكز التجارية في تل أبيب - فخرج منه وأعطى السائق أجرته، ثم اتجه إلى البرج واستغرق بعض الوقت في التسوق، ثم أوقف تاكسي آخر وانطلق مباشرة إلى فندق (هيلتون تل أبيب) حيث استقبله الموظف المسئول بابتسامة كبيرة فبادله (جون) الابتسام وقال في هدوء:
- لديكم حجز عبر الانترنت باسم (جون إدوارد).
راجع الموظف أوراقه، ثم ابتسم في دبلوماسية وقال:
- بالتأكيد.. الحجرة رقم 46.. الطابق الثالث.. (ميشيل).. اصعد بالرجل إلى حجرته فلا بد أنه شديد الإرهاق.
صعد (جون) مع العامل إلى حجرته ومنحه بقشيشا مناسبا، ثم أغلق الباب خلفه وتنهد في عمق..

*****

(سيدي)..
قالها (دافيد) مساعد مدير الموساد الإسرائيلي في احترام وهو يقف أمام مكتب سيده، فرفع هذا الأخير رأسه إليه وسأل:
- ماذا وراءك يا (دافيد)؟
وضع (دافيد) أمامه ورقة طويلة تبدو فيها صور أربعة رجال، وتحتهم بيانات طويلة، وقال في آلية:
- منذ ساعة واحدة وصل إلى مطار (تل أبيب) مستر (جون إدوارد) الأمريكي الثري المعروف، صاحب مجموعة شركات الاستيراد والتصدير المعروفة باسم (بلاك تايجر)، وهي ليست المرة الأولى التي يزور فيها مدينتنا، ولكن الغريب أن موظف الجوازات شعر بأنه مختلف عن كل مرة، وقال إن طريقته لا تروق إليه أبدا.
جذب هذا الحديث اهتمام المدير في شدة، فالتقط الورقة وتساءل:
- هل أجريتم تحرياتكم؟
أومأ (دافيد) برأسه إيجابا، وقال:
- بالتأكيد، الرجل ليس هناك في أمريكا، والجميع هناك يعلم أنه سافر إلى (تل أبيب) للاستجمام في مدينة والده الراحل، كما أنه اتبع نفس نظامه كل عام، فبدأ بزيارة (برج شالوم) ثم (فندق هيلتون) الذي حجز غرفته فيه عن طريق الإنترنت من الولايات المتحدة، وكل خبراؤنا أجمعوا على ذلك من خلال التأكد من رقم الآي بي.
صمت المدير لحظات، ثم قال بنوع من عدم الاقتناع:
- ما الداعي للشك إذن؟
لم يعلق (دافيد) في حين عقد المدير حاجبيه وتابع:
- فليكن، مر رجالنا بمراقبته والتأكد من تحركاته.
ومط شفتيه وهو يكمل:
- فالأمر كله سينتهي بعد عدة أيام..
وارتجف قلبه بين ضلوعه وهو يتخيل اللحظة التي سيتحقق فيها حلمه..
اللحظة التي يتحول فيها الأقصى إلى أنقاض..
ويا له من حلم!

2 التعليقات:

الشك , الريبة , الحذر , الخيانة , الغدر , القسوة , العنف , الخسة , الندالة , البشاعبة

جميعها صفات من القاع , تنطبق واكثر منها بمراحل عليهم , يشك ولو في اصابعه , شخص من دولة صديقة بل حبيبة ونفس جنسيته ويرتاب منه , عجبا لذاك الجنس الحقير

حقيقة لا اريد اضافة المزيد في التعليق فهم لا يستحقون كلماتي


الامل - - - - >>> نحن المسلمون , المسلمون بحق

ابدعت مرة اخري ولا زلت تبهرني بجميع كلماتك

احترامي وتقديري

 

هكذا هم دوما، لأن الشخص منهم يسب أمه وأبيه، يقتل أخاه وأخته، يخون زوجته، يقاطع عشيرته، يريق الدماء لأجل المال، كيف لهؤلاء ألا يعيشوا في بحر من الريبة؟

جزاكِ الله خيرا ،،

 

إرسال تعليق