مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

تكملة الفصل الأول - موعد مع الكرامة

(ما ترونه الآن هو نقل حي مباشر لما يحدث داخل المسجد الأقصى)..
قالها مدير المخابرات العامة المصرية في حزم وهو يدير عينيه بين وجوه رجاله، الذين جمعهم بشكل طارئ لبحث هذه الكارثة الجديدة، وقد حاول المقدم (عمر) أن ينتبه مع رئيسه لكن عينيه كانتا تقفزان رغما عنه إلى الشاشة الكبيرة المعلقة خلف المدير، والتي تنقل ما يدور عند المسجد الأقصى..
وتابع المدير:
- كما ترون.. لقد انتقلت إسرائيل من مرحلة التهديد إلى التنفيذ، ونقلوا حجر أساس المعبد اليهودي لكي يقوموا بإنشائه بعد هدم الأقصى، ولقد بدأوا بالفعل في إخلاء المكان ومهاجمة الساحة الرئيسية للمسجد..
تعلقت عينا وقلب (عمر) بالشاشة وطار عقله إلى هناك، حيث لا زال الفلسطينيون يقاومون في بسالة ولكن الرؤية كانت مهتزة والدخان منتشر في كل مكان..
وفي أعماقه، تردد تساؤل غاضب..
كيف يمكن أن يحدث هذا؟!
كيف يهاجم الإسرائيليون رمزا من رموز الإسلام أمام أكثر من مليار وربع مليار مسلم، دون أن يترددوا أو يشعروا بالقلق، كأننا أصبحنا تماثيل لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم؟؟
بل ماذا أصبحت المساجد عموما بالنسبة للمسلمين؟ هل هان أمرها إلى هذا الحد؟؟
ألا يستحق أمر كهذا أن تتمزق له القلوب وتتأجج من أجله المشاعر؟!
توقفت أفكاره فجأة حينما دوى انفجار عنيف فالتفت الجميع إلى الشاشة في حدة، ووجدوا الرؤية تهتز في شدة ثم تنقطع بغتة، فضغط المدير زرا أمامه وهتف:
- ماذا حدث هناك؟
أجابه مساعده من حجرة أخرى في انزعاج:
- إسرائيل تستخدم قنابل شديدة التفجير لتفريق الفلسطينيين، وقد حدثت شروخ بالفعل في جدار المسجد الغربي.
نهض المدير قائلا في حسم:
- لم يعد هناك مجال للانتظار إذن.

****

جلس رجلان فلسطينيان على أرض كوخ بدائي وأشعلا النار في بعض الحطب كي يتغلبا على برودة الجو، وقال أحدهما للآخر بصوت منخفض:
- آه يا (هيثم)! آه لو نحصل على أسلحة كتلك التي يمتلكونها !
همس زميله:
- مستحيل يا (فارس).. أنت تعلم أن المساعدات التي نتلقاها من مصر وسوريا وحتى إيران قد توقفت منذ فترة بسبب هذا الحصار اللعين.. وها نحن نحرس مخزن أسلحة قديم يضم معظم ما حصلنا عليه من أسلحة خلال عدة شهور، ونرجو الله ألا ينتبه إلينا الإسرائيليون، وإلا..
بتر عبارته فجأة وأرهف سمعه ثم هتف في انفعال:
- يا إلهي!!.. هل تسمع هذا؟؟
قفز (فارس) واقفا واتجه إلى النافذة لينظر إلى الخارج في حذر، لكنه لم ير شيئا فغمغم في قلق:
- ما الذي أثار انتباهك إلى هذا الحد؟
فوجئ بـ (هيثم) يقول له من خلف ظهره في سخرية:
- استدر في بطء أيها الغبي وإلا أمطرتك برصاصاتي.
اتسعت عينا (فارس) واستدار في بطء ووجد (هيثم) يصوب إليه فوهة مدفعه فهتف:
- مستحيل!!.. هل تخون وطنك يا (هيثم)؟!
ابتسم (هيثم) في سخرية ثم فتح باب الكوخ فتدفق عشرات الجنود الإسرائيليين إلى الداخل، وحاول (فارس) أن يحذر رفاقه لكن جندي إسرائيلي ضرب رأسه بفوهة مدفعه فألقاه فاقد الوعي..
وكشف (هيثم) عن غطاء كبير يقود إلى ممر تحت الأرض يمتلئ برجال المقاومة والمخابرات الفلسطينية، وفتحه، فاندفع الإسرائيليون عبره بغتة وهاجموا مخزن الأسلحة فجأة فقتلوا المئات وهرب الباقون، واستولى اليهود على كل الأسلحة..
واتجه قائد الكتيبة نحو (هيثم) وقال له في حماس:
- عمل رائع يا رجل.. لقد أديت كل شيء على ما يُرام.
ابتسم (هيثم) في سعادة وهتف:
- هذا يعني أنني سأحصل على مكافأتي يا سيدي، أليس كذلك؟
ضحك القائد وأشار إلى أحد رجاله قائلا:
- بالطبع بالطبع.. (حونين).. امنح الرجل مكافأته.
ورفع (حونين) مدفعه فجأة نحو رأس (هيثم) فاتسعت عينا هذا الأخير وتراجع في ذعر..
وانطلقت الرصاصة..
وفي ازدراء، مط القائد شفتيه ورمق جثة (هيثم) بعين واحدة، قائلا:
- إلى الجحيم ايها الحقير.. هل كنت تظن أننا سنعتمد على فلسطيني خائن قذر مثلك؟!
وتألقت عيناه في ظفر..

2 التعليقات:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بما انها امتداد للجزء الاول فلن يختلف التعليق كثيرا حقا صارت اقرب مايكون لمسلسل تلفزيوني اتابع حلقاته وان طلبو مني وصف صورة في مشهد سأذكرها بكل دقة

خالص احترامي لك ولقلمك

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،

نعم، هذا صحيح، كم أتمنى أن أنشر هذا العمل بالذات إلى أوسع نطاق، بل أتمنى أن يتم تنفيذه كفيلم، لذا تجدين نوعا من الاهتمام بالوصف واللمحات السينمائية..

والقادم سيدل على ذلك أكثر بإذن الله..

جزاكِ الله خيرا..

 

إرسال تعليق