مملكة الإبداع

إنها مملكة أهديها إلى أعز الناس، وأحب الناس، وأغلى الناس، فهي من أرشدتني إلى إنشائها وإليها أهدي كل الكلمات..

تكملة الفصل الثاني 3

(كانت لعبة متقنة منذ البداية)..
قال مدير المخابرات العامة المصرية هذه العبارة في حزم وهو يواجه رجاله في ذلك الاجتماع المغلق الذي عقده بشكل طارئ لبحث عملية (تل أبيب)، ثم تابع في قوة:
- (جون إدوارد) أصيب بنزلة برد قبل يوم واحد من سفره إلى إسرائيل، وهذه الحقيقة خدمتنا في الواقع، لأن (عمر) لا يجيد تقليد الأصوات، وفي نفس الوقت كان هو أنسب رجل لقيادة هذه العملية، لذا فبمجرد أن انطلق (جون) من أمريكا إلى إسرائيل حتى كنا بانتظاره في مطار (باريس) الذي ستهبط فيه طائرته مؤقتا أثناء الرحلة، وهناك اختفى (جون) وحل محله (عمر) الذي أجاد تقمص شخصيته في الواقع.
ثم نهض وأشار إلى خريطة كبيرة لمدينة (تل أبيب) معروضة على شاشة ضخمة أمام الجميع، وتابع وهو يشير إليها:
- المعلومات التي أرسلها (عمر) شديدة الخطورة، فمنزل الجنرال محاط بحراسة مشددة، ولا أظن أن المساعدات التي يتلقاها هناك من (فارس) و(جهاد) ستكون كافية.
غمغم أحد رجاله:
- خاصة أن ابن (فارس) مات رضيعا بعد دقائق من ولادته، بعد أن قتله جندي إسرائيلي بالرصاص، وبعده ماتت أمه حزنا عليه، وربما ماتت بسبب الدم الذي فقدته أثناء الولادة التي تمت بشكل بشع للغاية.
أكمل المدير:
- ولكل هذه الأسباب، أظن أن مهمة (عمر) عسيرة للغاية.
وساد الصمت بعد هذه العبارة..
تماما..

****

اتجه (إفرام) نحو البوابة الخارجية لمنزله التي يقف على حراستها أربعة رجال، وأبرز بطاقته المغناطيسية الخاصة وهو يسعل في قوة ويقول بصوت مبحوح:
- أسرع يا رجل.. إنني مريض.
لم يلق أي من الرجال الأربعة نظرة واحدة على البطاقة بل اكتفوا بإفساح الطرق أمام (عمر) المتنكر في هيئة (إفرام) فأسرع الأخير نحو باب المنزل، ودلف إليه وهو يتنهد في عمق و..
وفجأة، أضاءت كل أنوار المنزل في لحظة واحدة، وتجمدت عينا (عمر) على (إفرام إليعاذر) الحقيقي وهو يقف في نهاية المنزل وحوله دستة من رجاله، وجميعهم يصوبون مدافعهم الرشاشة إلى صدر (عمر)، في حين قال (إفرام) في شماتة وزهو:
- ألن تعترف لي بالتفوق والمهارة يا (جون)؟
ثم ابتسم في خبث وهو يتابع:
- أم تحب أن أناديك باسمك الحقيقي أيها المقدم؟
وهنا، انعقد حاجبا (عمر) وانفجر في أعماقه بركان من الغضب..
فهذا لا يعني فقط أن حياته قد انتهت..
ولكن يعني أن مهمته قد فشلت..
وأن (إس جى 22) لا تزال في قبضة الإسرائيليين..
بل والأدهى، أن الأقصى سيظل مهددا بالخطر !!
وأطلق (إفرام) ضحكة ساخرة عالية وهو يتابع في تلذذ:
- كانت خطتكم رائعة بالفعل يا رجال المخابرات المصرية.. أعترف لكم بذلك.. ولكن ماذا تساوي خطتكم أمام عبقرية الموساد؟؟
لم يعلق (عمر) في حين تابع (إفرام):
- آه! يؤسفني إبلاغك أننا اضطررنا إلى قتل الرجال الأربعة وتعذيب الفتاتين.. لا أعلم لماذا أصر الرجال على عدم التفوه بحرف واحد؟ حتى بعد أن شويناهم أحياء ظلوا على عنادهم! ولكن لحظك السيء، نحن لا نجيد أساليب التعذيب فقط مع النساء.. هناك أساليب أكثر فاعلية معهن.
وقهقه ضاحكا في شدة، وانفجر غضب (عمر) حينما أدرك معنى هذه الجملة الأخيرة، وصرخ:
- أيها القذر الحقير.. سأقتلك يا (إفرام).. أقسم أنني سأقتلك.
عبس وجه (إفرام) فجأة وأشار إلى رجاله وهو يقول في شراسة:
- اخرس.
وفي لحظات أحاط رجال (إفرام) بـ (عمر) وحملوه إلى سيارة كبيرة، انطلقت مباشرة إلى مبنى الموساد الإسرائيلي

****

(المهمة فشلت)..
كانت هذه العبارة تحمل كل ألم ومرارة الدنيا وهي تخرج من بين شفتي مساعد مدير المخابرات المصرية وهو يخبر بها المدير، فامتقع وجه هذا الأخير وردد:
- فشلت؟!
أومأ المساعد برأسه وغمغم في أسى:
- نعم.. لقد قُتِل (فارس) ورجاله وتعرضت (فاتن) إلى أساليب إسرائيل القذرة من اغتصاب وتعذيب بعد أن ألقوا القبض عليهم، وقادهم هذا إلى (عمر) الذي سقط في أيديهم بدوره، وتم ترحيله إلى الموساد حيث يتم استجوابه.
تمتم المدير في ألم:
- يا إلهي! يا إلهي!
ثم ساد الصمت..
صمت يحمل طعم الهزيمة..
وكل مرارة الدنيا..

****

0 التعليقات:

إرسال تعليق